فن الإختلاف مع الآخر – ج1

بواسطة ابو دانية 6:45 ص

البشر ليسوا متشابهين، لن تجد أبداً إثنين يفكران بنفس الطريقة و مهما اتفق اثنان على أمر ما أو عدة أمور لا بد أن تجد إختلاف في نقطة ما، فالله لم يخلقنا نفكر بنفس الإسلوب، بل حتى سلوك الحيوانات يختلف من فرد لآخر، إذاً فأول حقيقة عليك الإقتناع بها تماماً هو أن الآخرون ليسوا مثلك و لا يفكروا مثلك و لن يفكروا مثلك أبداً، هذه هي طبيعة الكون من حولك، فهل أدركت هذه الحقيقة ؟ .. إذا كنت قد أدركتها و اقتنعت بها سيكون عليك إكمال هذا المقال، أما إذا لم تقتنع بذلك فعليك التوقف الآن !

أولاً هناك شيء علينا أن نتفق عليه جميعاً، نحن في بلادنا العربية معظمنا لم تزرع فيه هذه الثقافة و هي ثقافة الإختلاف مع الآخر و إحترامه في ذات الوقت، على سبيل المثال لا بد أن الكثيرين مننا حدث له أن اختلف مع معلمه أو مدرسه حول مسألة معينة، و لكن هذا الإختلاف من وجهة نظري لم يرقى إلى درحة الإختلاف فهو دائماً ما يصل إلى طريق مسدود، فينتهي الحوار بأن المعلم أكبر منك و يفهم أكثر منك و أن رأيك لا قيمة له و لا يجوز أن تختلف مع معلمك، بل و أننا تربينا على أن هناك مسائل لا تقبل الإختلاف عليها، و هناك أشخاص أصلاً لا يمكنك أن تختلف معهم، و هذا خطأ شنيع و لا بد أن نعترف كلنا بهذا.

أغلبنا لم نرى في حياتنا أمثلة على إثنين يتناقشان و يختلفان بإسلوب راقي و متحضر، و لنا في قناة الجزيرة على سبيل المثال عبرة، الحقيقة أن ما تلقيناه في صغرنا يعود مرة أخرى ليظهر علينا في الكبر، بل و قد نفعله نحن إرادياً مع أولادنا أو نمارسه على من هم أصغر منا، و لو حدث و أنا تناقشنا مع شخص من نفس السن سيكون النقاش بنفس الطريقة و نفس الحدة.

من هنا كان لا بد أن أفرد سلسلة مخصصة من التدوينات تتحدث عن فن الإختلاف مع الآخر، كيف تختلف مع الآخرين مع حفظ كامل الإحترام لهم ؟ .. كيف تختلف مع الآخرين و أنت تحتفظ بهدوء أعصابك ؟ .. و كيف تختلف مع الآخرين دون أن تسب أو تلعن ؟ .. كل هذا يمكنك فعله ببساطة إذا تعلمت أساسيات الحوار و فنونه و فن الإختلاف مع الآخرين.

الإحترام، برأيي أن الإحترام هو القيمة الأولى بل و أهم قيمة يجب أن تتواجد بين أي اثنين مختلفين في الرأي، إذا غاب إحترامك أولاً لذاتك و إحترامك لمن تناقشه أو تختلف معه في الرأي، فالحوار برمته سيكون غير مجدي و لا فائده منه على الإطلاق لأنه سينتهي في النهاية إلى سيل من السباب و القذف و سيتدنى الحوار إلى درجة مقرفة !

مهما كان من تحاوره و مهما كان رأيه مستفز لك و إختلافه معك قوي عليك أن تقدر قيمة نفسك و قيمة ذاتك وتحترم ذاتك أولاً و هذا هو أول الطريق لإحترام من يختلف معك في الرأي، حتى إذا حاورت كافراً أو يهودياً لا بد أن تختفظ بهذا الإحترام، فهذا الإحترام هو أول الطريق لإقناع المختلف معك برأيك.

عندما يحترم كل من الطرفين المختلفين ذاتهما و بعضهما البعض، يمكن أن نسمي ذلك فيما بعد بحوار أو نقاش و عندها يمكننا التحدث بالفعل عن فن الإختلاف مع الآخر ..

أضف تعليقك

لاتقرأ وترحل ..
بل ضع لك بصمة ابو عشرة في المكان قبيل الرحيل ..