فن الإختلاف مع الآخر – ج2

بواسطة ابو دانية 6:47 ص

بعد أن تحدثنا في الجزء الأول عن مقدمة في فن الإختلاف مع الآخر و عن الإحترام و كيف أنه القيمة التي يجب أن يحتفظ بها كلا المتحاورين و المختلفين في الرأي، فإننا نسلط الضوء اليوم على شيء مهم آخر في الإختلاف ألا و هو الهدوء و ضبط النفس عند الإختلاف، و أنا أعلم تماماً ماذا يعني الإنفعال أثناء النقاش و خاصةً عندما يكون كلا المتحدثين يسيران في اتجاهين متضادين، فيسهل عندها أن ينفعل كلا المتحدثين و يرفعا صوتيهما، و يصبح النقاش في النهاية مثال حقيقي و واقعي للتلوث السمعي ! ॥ تابع القراءة لتعرف كيف تتحكم في أعصابك أثناء الإختلاف قدر الإمكان।

من الطبيعي و المنطقي جداً أن نناقش الأسباب التي تدفعنا إلى الإنفعال و العصبية أثناء النقاش قبل الشروع في مناقشة الحلول، و إذا عدنا إلى الأسباب لوجدناها كلها عاطفية لا أكثر ولا أقل، و لوجدنا أغلبها حافز أكثر لنا لكي نضبط أنفسنا أثناء الحوار، فمثلاً الأسباب التي قد تجعلك تنفعل أثناء الإختلاف منها دينك و معتقدك، قد تحاور ملحداً أو مرتداً أو حتى شخص من دين آخر غير دينك و بإعتقادات أخرى غير معتقدك، و تثور أنت لخلافك معه حول نقطة معينة، و أنت تعتقد في داخلك أنك تثور نصرةً لدينك، و هو أمر لا بأس به، و لكن عندما يصل إلى درجة تجعلك تنفعل و تجعل من إنفعالك هذا أضحوكة فهنا ينبغي التوقف، و من الأسباب أيضاً لإنفعالك هو إختلافك مع أحدهم حول شخص معين تكن له حباً أو تقديراً، و ستتعدد الأسباب و لن أخوض فيها كثيراً لأنها ليست نقطة محورية في الموضوع.

من المهم جداً أن تعرف أثناء إختلافك مع شخص آخر، أنكما من الصعب و من النادر أن تصلا إلى نقطة إتفاق أو إلتقاء و لكن في نفس الوقت عليك أن تضع نصب عينيك أن من تختلف معه هو ليس عدوّك، و ليس شخصاً شريراً، ولا يوجد أصلاً بينكما عداوة سابقة، إذاً فهو ليس شخصاً شريراً يريد قتلك و أنت عليك الدفاع عن نفسك، المسألة كلها مسألة فكر و وجة نظر فحسب، إلا في حالات قليلة لسنا اليوم في موضع الحديث عنها.

و هنا تماماً ينبغي عليك الفصل بين الشخص في حد ذاته، و وجهة نظره، قد يكون من تختلف معه هو شخصاً محترماً طيباً متديناً مؤدباً و لكنكما تختلفان في الرأي و هذا ليس داعي أبداً للتهجم على الشخص أو فكره أو معتقده أو دينه، بل أن في أحياناً أخرى أنت فد تختلف في الرأي مع أخيك، فالإختلاف في الرأي إذاً لا علاقة له بحبك لشخص معين أو كرهك له أبداً.

فكيف تسيطر على أعصابك أثناء النقاش ؟ .. أولاً و أخيراً عليك وضع كل ما سبق و قلته نصب عينيك دائماً، و عليك أيضاً الصبر و إعطاء من تختلف معه في الرأي الفرصة لقول كل ما يريد، ثم خذ نفساً عميقاً و فكّر جيداً قبل البدء في التحدث، و راعي كل ما أمرك به دينك و مجتمعك و خلقك، بل و كن سفيراً لهذه الثلاثة، و أخضع لهم، و ضع خطاً أحمر أنهي عنده النقاش، هذا الخط الأحمر يشمل التعدي على الشخص أو الدين أو المعتقد أو الجنسية، إذا تعدى أحدكما على هذه إعلم أن عليك الإنسحاب بأدب من الحوار، و أعلم أن الإنسحاب في هذه الحالة في صالحك تماماً، و إذا كنت أنت المخطيء فأعتذر و تحمل نتيجة خطأك.

كل ما ذكرت هي نقط مفيدة في حال ما إذا كان الحديث مباشراً، أما إذا كان الحديث على سبيل المثال من خلف الشاشة و كان الإختلاف مثلاً في مدونة معينة، فانا هنا لا أرى أي داعي للتحدث بإنفعال، و أنا هنا لا أطلب منك أن تكون بارداً مثلاً و لكن أطلب منك أن تكون هادئاً متأنياً، قد يكتب أحدهم رداً على كلامك يجعلك تنفعل إنفعالاً شديداً، هنا كل ما عليك فعله هو قراءة رده بتمعن و من ثم إغلاق الصفحة و متابعة حياتك بشكل طبيعي، و عد بعد ساعات على الأقل و ابدأ في الرد على هذا الشخص، ستجد نفسك أكثر هدوءاً و أكثر تعقلاً و أكثر إنفتاحاً و تقبلاً لرأي الآخر، و تذكر دائماً أن في العجله الندامه، هذا الشخص المختلف معك لن يطير فهو موجود و باقي حتى ترد عليه، فلماذا تتعجل و تترك الإنفعال يسيطر عليك ؟

للسلسلة تتمة فإنتظرونا .. دمتم في أمان الله.


أضف تعليقك

لاتقرأ وترحل ..
بل ضع لك بصمة ابو عشرة في المكان قبيل الرحيل ..